منذ القدم ،وفي الفترتين ما قبل و ما بعد الإسلام كان الفضاء المغاربي موحداً أو شبه موحد، لم تكن هناك حدود و لم تكن هناك اختلافات إجتماعية كبرى، كانت هناك دول و دويلات، وكانت هناك امبراطوريات حكمت هذا الفضاء على سبيل الذكر لا الحصر، مر بهذا المكان القرطاجيون و الرومان و الأغالبة و المرابطون والموحدون و الفاطميون والعثمانيون، و قاد المنطقة الفنيقيون و الرومان والأمازيغ و العرب. وعديدة هي الحضارات والأجناس التي مرت من هنا، فشكلت كلها هوية جديدة متجذرة في التاريخ، مشبعة بالحضارة، أطلق عليها إسم المغاربي.
ما عاشته المنطقة جعل المغاربيين في لا وعيهم يعيشون الوحدة لأن جيناتهم حملت هاته الوحدة لقرون عديدة، و لا يمكن أن تكون فترة الإستعمار الأوروبي وما بعده قادرة على محو ما توارثته الأجيال في جيناتها، لتقبل حقيقة الإنقسام ربما وجب أن تعيش المنطقة قرونا أخرى من الإنقسام حتى يدخل هذا المفهوم إلى جينات و لا وعي المغاربي، و بما أن الإنسان ميال بطبعه إلى أصوله و جذوره التاريخية فإن طرح الإنقسام الذي نعيشه اليوم هو مجرد وهم تعيشه قوى المستعمر أو اتباعه في أوطاننا، لذلك فإن الوحدة المغاربية قادمة لما حالة.
فكرة الإندماج التام للفضاء المغاربي هي الشكل الوحيد الطبيعي الذي يعبر عن هوية و كيان المنطقة، كل الأشكال الأخرى من دويلات أو إتحادات بين بعض الدويلات أو إتحاد بين كل الدول لن تكون مشاريع ناجحة تقدر على التغيير، فكلها بنيت على أطروحات سياسية فوقية، لم و لن تعبر يوماً عن إرادة الشعوب، فالمغاربي بطبعه متمرد و فيه نزعة المقاومة، و سوف يقاوم بصفة غير إرادية كل ما هو دخيل عن موروثه الجيني و خاصة إن كان هذا الطرح أساساً من جهة فوقية لم يشرك فيها المغاربي، و خاصةً ان هاته الجهة متهمة بالتبعية و عدم النزاهة، فكما تكون هاته الجهة ممثلة في حاكم جائر مسك السلطة بالغصب و القوة أو تكون ممثلة في أصحاب المال والأعمال أو أبناء المستعمر الذين إلى يومنا هذا يعيشون معنا في أوطاننا و يسهرون على ضياعنا و انقسامنا.
دعوتنا اليوم للمساهمة في تأسيس دولة المغرب الكبير الافتراضية، هي بمعنى آخر تجاوز كل العراقيل السياسية و الدولية لفكرة الإندماج، و كأننا نضرب بعرض الحائط كل المخططات و محاولات إثارة نعرات الإنقسام، بفضائنا الجديد نقول لهم الدولة أسست، و الإندماج انتهى، و ليس لكم إلا الإعتراف به، بهذا الفعل نكون قد فرضنا أمراً واقعاً. مهما كانت قوتهم لا يمكنهم أبداً الوقوف أمام الحق، أمام ما تقرره الشعوب من قضايا عادلة، نحن نطالب فقط بالعودة إلى الأصل و ما كان عليه الأمر قبل الإستعمار و عمليات التقسيم الممنهجة، لم نطالب بإنفصال أو تقسيم، لم ندع لتطرف أو عادات دخيلة، نحن فقط ندعوا إلى إسترجاع ما تعيشه القلوب و العقول، نحن ندعوا للعودة إلى الطبيعة.
حتى نعي عمق الفكرة فيجب على كل منتمي إلى دولة المغرب الكبير الإفتراضية أن تكون له القناعة الكاملة بوجود الدولة الفعلي، و أن يتعايش مع هذا الطرح في تعامله معها، صحيح أن المفاهيم الحالية للدولة الواقعية بعيدة كل البعد عن ما نطرحه اليوم ولكن هذا منهج جديد و طريقة جديدة لتجميع الناس و عيش الوحدة المغاربية بشكل آخر، فالمقصود بالإفتراضي ليس الأحلام أو الأوهام انما المقصود هنا هو عالم الشبكة العنكبوتية و عالم التواصل الاجتماعي عن بعد، اي أن الدولة موجودة على الحواسيب و الهواتف، نراها و نتفاعل معها بكتاباتنا و أصواتنا، كما أننا قادرون على تنزيل بعض محتوياتها على أرض الواقع، و بذلك نكون قد ربطنا الافتراضي بالواقع.