هواوي” و “زاد تي أي” يمثلان الجيش العظيم للصين، لغزو العالم تكنولوجيا، من خلال الجيل الخامس للإتصالات.
سيمكن الجيل الخامس من إتصال جميع الأجهزة التي يستعملها الإنسان (هاتف، ثلاجة، سيارة، كاميرا مراقبة، إشارة ضوئية، ساعة، كمبيوتر، فانوس إنارة، حنفية الماء، شبابيك المنزل، الآلات الطبية..) سيتصل كل هؤلاء، بعضهم ببعض من خلال أجهزة فائقة السرعة توفرها شركات الجيل الخامس.
تمكن هذه التقنية من تسريع التواصل والإتصال والتحكم في الأجهزة للمواطنين والشركات والحكومات.
ستكون هذه التقنية متوفرة للجميع في أوروبا سنة 2025 وفي جميع أنحاء العالم تقريبا سنة 2030.
لكن الشركات التي ستوفر هذه التقنية، ستكون قادرة كذلك على رؤية البيانات الضخمة التي تمر من خلالها، والتجسس على المواطنين والحكومات والدول التي ستستعمل هذه التقنية.
لذلك هناك خوف كبير في أمريكا والغرب عموما من الشركات الصينية المتقدمة جدا في هذه التكنولوجيا.
وفي نفس الوقت، لا يمكن لهم أن يتخلوا عين تقنيات الجيل الخامس، لأنها ستسهم في خلق ثروة إقتصادية تقدر بأكثر من 12 ترليون دولار!
لكن كيف استطاعت الصين أن تتحكم في هذه التكنولوجيا المتقدمة، رغم أنها كانت بعيدة جدا عن مستوى التقدم الغربي منذ 15 عام، عندما بدأت شبكات الجيل الثالث بالعمل.
استثمرت الصين 150 ميلار دولار خلال 15 عام (15 مليار دولار سنويا) في البحث والتطوير في مجال الشبكات. ومن خلال إرادة سياسية قوية، وتعاون كبير بين الدولة والشركات الخاصة والجامعات. استطاعت إن تلحق بالركب التكنولوجي في الجيل الرابع للشبكات، وإستطاعت السيطرة على الجيل الخامس،
الرد الغربي جاء منذ بضعة أشهر بإنشاء “تحالف السياسات التكنولوجيا المفتوحة” الذي تساهم فيه أكبر الشركات الأمريكية والأوروبية والكورية من أجل إنشاء تكنولوجيا مفتوحة لشبكات الجيل الخامس، من هذه الشركات جوجل وآبل و انتل وسامسونغ وكوالكوم ومايكروسوفت… وغيرها من الشركات العملاقة.
هذا التحالف وضع أموالا ضخمة من أجل إنشاء تكنولوجيا للجيل الخامس مفتوحة المصدر لا تعتمد على التكنولوجيا الصينية.
كل هذه الأموال وزعت لكي لا يتمكن أي طرف من السيطرة أو التجسس على بيانات الطرف الثاني من خلال تكنولوجيته الخاصة.
نلاحظ هنا، أنه في عالمنا إليوم، السيطرة على البيانات تمنح تفوقا كبيرا جدا لمن يمتلكها. وأن التحكم في تكنولوجيا نقل البيانات هو أمر حاسم في استقلالية الدول وأمنها.
كما نلاحظ أنه لا يمكن الإنعزال عن هذه التكنولوجيا لأن بلادنا حينذاك ستصبح متخلفة، وسنخسر مئات المليارات من الثروة المتأتية من هذه التكنولوجيا سنويا.
إذا ليس هناك حل إلا مجاراة التقدم العلمي والتمكن من هذه التكنولوجيا حتى لا نخسر أمننا وإستقلاننا، وحتى لا نجد أنفسنا بعد سنوات بلادا متخلفة.
ولكن التحكم في هذه التكنولوجيا لا يمكن أبدا أن يحصل دون إستثمار مئات المليارات من الدولارات في البحث والتطوير، ودون سوق كبيرة لتنفيذ ذلك على ارض الواقع.
والدول المغاربية، بوضعها الحالي، لا يمكن إلا أن تكون ضعيفة تكنولوجيا ومكشوفة أمنيا، أو متخلفة إقتصاديا في هذا المجال.
العالم التكنولوجي في المستقبل القريب هو عالم العمالقة.. والدول الصغيرة التي لا يمكن أن تستثمر مليارات الدولارات في التكنولوجيا سنويا، لن تكون إلا دولا تابعة.
الحل الوحيد الذي امامنا هو توحيد جهودنا، وإندماج مغاربي يسمح بتوجيه إستثمارات ضخمة في المجال التكنولوجي ويوفر سوقا كبيرة لتنفيذ هذه الاستثمارات.
إذا تم الإندماج الإقتصادي المغاربي، وتطور الناتج الخام المغاربي ليتضاعف خلال 7 سنوات (كما هو متوقع بعد الإندماج)، فإنه سيصبح بالإمكان وضع مليارات الدولارات كل عام في مجال البحث التكنولوجي، واللحاق بركب السيطرة ونقل البيانات الضخمة وتخزينها خلال فترة 7-15 عاما.
كل تأخر في هذا المجال، هو مزيد من التخلف لدولنا، ومزيد من الإنكشاف الأمني والإستعمار الإقتصادي.